ديهيا أم الشاوية:685م-705م










من الواضح أن لفظ "كاهنة" هو مجرد لقب أطلقه العرب على "ديهيا"  أميرة  "آوراس" بغرض إعطاء تفسير خرافي لقدراتها العسكرية الخارقة و التي خولتها صد الغزو العربي لشمال إفريقيا و هزيمتهم في معارك طاحنة على مدار عقد كامل من المقاومة.
أصلها من قبيلة "جراوة" أحد فروع القبيلة العضيمة "زناتة" التي تضم من بين ما تضم "إيشاوين في آوراس"، "إيشنوين في "شنوة" بضواحي الجزائر العاصمة"، "إيشلحين في غرب الجزائر"، "إيمزابن في تغردايت"، "إيريغين في ورقلة" و قبائل كبيرة جدا في المغرب الشقيق و الصحراء الجزائرية و التونسية و  الليبية.
حسب "ابن خلدون" فهي "ديهيا" أو "داميا" ابنة "تابت" من قبيلة "جراوة" أحد فروع قبيلة "مداغيس" الزناتية.

قبل البداية
سنة 686 سقط خبر موت "آكسل" المقاوم الأول الدي رفع التحدي في وجه الغزو العربي لشمال إفريقيا و الذي انطلق من "مصر" سنة 683م و الذي نجح لسنوات طويلة في إيقاف تقدمهم عند حدود "القيروان" بل و ردهم إلى داخل الحدود المصرية بعد القضاء على الجيش العربي الأول بقيادة "عقبة بن نافع" الدي قتل  هو و 5000 جندي من جيشه في ضواحي "تهودا" جنوب جبل "آوراس" في طريقهم نحو داخل البلاد و ليس عند العودة كما يشيع تجار التاريخ المسيس.

البداية
على إثر الهزائم المتتالية التي مني بها "البيزنطيون" على كل سواحل المتوسط على يد الجيوش العربية تقدم العرب غربا للاستيلاء على الأراضي الأمازيغية التي أضحت هي كذلك تتوق إلى التخلص من المستعمر البيزنطي الدي طال وجوده في شمال إفريقيا و لكن بشرط عدم السقوط في هيمنة جديدة للمنتصر الجديد على البيزنطيين و هو الجيش العربي بقيادة "حسان بن النعمان" المعين حديثا من طرف الخليفة الأموي "عبد الملك بن مروان" الدي قرر الاستيلاء على شمال إفريقيا.
سنة 695م، و تحت قيادة "ديهيا"، الجيش الأمازيغي يسحق الجيش العربي الذي يقوده  "ابن النعمان الغساني" في معركة "وادي نيني" على بعد 16كم من "عين البيضاء" بنواحي قصرها "باغاي" حتى أن العرب أطلقوا على هده المعركة اسم "معركة البلاء" و يقال أن مياه "وادي نيني" تحولت إلى اللون الأحمر بدماء الغزاة.
على إثر ذلك، تنسحب  بقايا الجيش العربي إلى "تونس" أين أرسل "حسان بن نعنمان" للخليفة يخبره بصعوبة المهمة و بوجوب دعم كبير لمواجهة الجيش الأمازيغي و يتحصل بذلك على أعداد هائلة من الجنود و السلاح و المال سنة 704م.
على مدى 10 سنوات بعد المعركة الأولى يتفرغ قائد الجيش العربي لتدريب جيشه على مواجهة "ديهيا" و شراء ذمم القبائل الأمازيغية التي ضاقت درعا بالاستعمار البيزنطي خاصة و أن "حسان" عمد إلى إشاعة خبر كونه جاء لتطهير شمال إفريقيا من وجوده ثم العودة من حيث جاء و تخلل هده السنوات معارك جزئية و استنزافية تطلقها "ديهيا" دوريا على الجيش العربي المرابط ناحية "القيروان" و على القبائل الأمازيغية التي تعلن بين الحين و الآخر ولائها للغزاة.
و عليه قررت " ديهيا " تأديب القبائل الأمازيغية التي قبلت عرض الغزاة و كذلك المعمرين البيزنطيين الذين هربوا من  المعارك فأرسلت بجيشها لحرق مزارعهم و محاصلهم و ترحيل عائلاتهم و ذلك بهدف تطهير محيطها من الخونة.

النهاية
سنة 704م يلتقي الجيشان في معركة فاصلة على مشارف عاصمتها "باغاي" بمسكيانة الحالية أين اندلعت مواجهة دامية بين الجيش الأمازيغي من جهة و الجيش العربي المدعم من طرف قبائل أمازيغية من جهة أخرى انتهت بانتصار العرب و قتل "ديهيا" و حمل رأسها في كيس أحمر لعرضه على الخليفة بدمشق.
تلت تلك المعركة أعوام سوداء ميزتها حملة انتقامية وحشية تم فيها تخريب المدن و قتل الأطفال و سبي النساء و فرار القبائل الشاوية التي حاربت مع "ديهيا" إلى جبال الأوراس أين تم رفع الحصون المسماة إلى اليوم "هيقليعين".

بعد النهاية، بداية أخرى
تاريخ "ديهيا" هو 10 سنوات من تاريخ شعبها الكبير و الدي لعضمته عمد الكثير إلى لفه بمختلف الخرافات و الأكاذيب خاصة منهم المؤرخون البيزنطيون و العرب و حتى بعض الأمازيغ الدين يحاولون، إلى اليوم، تأليف سيرة مزورة لحياة "ديهيا" لتغذية أساطيرهم و سياساتهم و أحلامهم، لقد عاشت مع جيشها العتيد في قصر كبير لا زال قائما إلى اليوم ببلدية "باغاي على الحدود بين ولاية خنشلة و أم البواقي" و الذي سميت البلدية باسمه و كانت في هدا القصر تخطط مع ضباط جيشها للتخلص من ثلاثة أعداء اجتمعوا عليها في نفس الوقت: مستعمر قديم و ثان جديد و ثالث من ابناء جلدتها .
كانت تضع لباسا عسكريا أحمر اللون تاركة شعرها يسيح حرا على منكبيها في غمرة ذوبان تام في حب الحرية لنفسها و لشعبها و بذلك  سكنت لأكثر من 15 قرنا و لا تزال عقول الشعب الأمازيغي في الجزائر و المغرب حيث أضحت الرمز الأسمى  لكل أمازيغي يحلم بالحرية و الانعتاق.
هذه الحرية التي عادت من جديد و بسرعة بعد 100سنة و لكن تحت ثوب عقيدة "الخوارج" و هي عقيدة ترفض "السنة" و"الشيعة" معا و ذات منحى تحرري و التي نشرها "الرستميون" بفضل الدولة الأمازيغية الاسلامية الأولى و هي الدولة الإباضية التي أسسها " عبد الرحمان بن رستم"بنواحي "تيهرت" و  عاصمتها "تاقدمت" في القرن الثامن الميلادي و التي قررت طرد العرب من المغرب الأوسط بعد أن أفتى علماؤها بحرمة الخضوع للحاكم الدي لا يتم تعيينه من طرف الجماعة.
فرحاوي العيد

1 commentaire:

Unknown a dit…

je ton vois mon frère une grande salutation pour ton article vraiment tu ma corriger tout mes fausses informations que j'ai eu dans ma vie.merci beaucoup